بينالي فينيسيا

ما هو مستقبل الفن؟

بيان في وجه العالم

( تمت مشاركة هذا البيان في بينالي فينيسيا من قبل تحالف الفن وليس الإبادة الجماعية (ANGA) )

--------------------------

في عالم تُرتكب فيه الإبادة الجماعية أمام أعيننا تحت حماية خطاب عنصري وبدعم من القوى الإمبريالية في عصرنا، فنحن شهداء على تلك الجرائم. هذه الشهادة ليست مجازية، بل هي حقيقة صارخة، فكونك شاهداً على هذه الإبادة يعني أن تكون متواطئاً؛ فالجهل ليس عذراً والتقاعس جبن.

ما الذي لا يمكن إيقافه؟

إن هيكل النظام العالمي، الذي هيمن على القرن العشرين، لا يسمح فقط بالإبادة الجماعية في غزة وفي أماكن أخرى من هذا العالم، بل يعمل على تمكينها بشكل فعال. الإبادة الجماعية يرسخها هذا النظام.. ولا بد من تفكيك هذه الآلية للتدمير، والتي يسترشد بها الاستعمار الاستيطاني وتغذيها الرأسمالية، وتدعمها القوة التكنولوجية، وتغطيها المؤسسات الإعلامية العملاقة والمتواطئة.

إننا نواجه جهوداً وسعياً مستمراً لإبعادنا عن مشاركتنا السياسية وتحطيم قدرتنا على السعي نحو عالم أخلاقي وعادل للجميع. نحن نتساءل الآن: إذا كان هذا القدر من الجرائم مقبولاً الآن، فما الذي يعتبر غير مقبول؟ . يجب علينا إعادة النظر في الهياكل التي أنتجتها الهويات الوطنية واستعادة ارتباطنا المقطوع بالأرض كمصدر لهويتنا وواقعنا السياسي.

ويأتي النضال والمقاومة الفلسطينية ليذكرنا بما لا ينبغي أن ننساه: الشعب والأرض يكملان بعضهما البعض في الزمان والمكان. ومن خلال هذا الرابط غير القابل للكسر نتصور المستقبل، ومن خلال هذا الرابط أيضاً نتعلم من الماضي ونتعامل مع حاضرنا. نحن نرفض واقع العالم، والمتمثل في وحشية الحفاظ على هيمنة الأقوياء وتواطؤ أولئك الذين يغضون الطرف عن الظلم.

ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن والشعر في مستقبل مبني على الإبادة الجماعية؟

إن جرائم الدولة الصهيونية تتغلغل في كل مستويات الحاضر ومنجزه. إنها تلتهم وتوظف كل المعرفة والعلوم الإنسانية لهدف القتل والتدمير، وتستغل تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة لتدمير كل المعاني الجامعة. إن هذا هو وقت الفن والشعر، وقت الفن الذي يقاوم منطق القوة السائدة، والشعر الذي يقاوم الروايات الشمولية التي تغذي آلات القتل لدى الجاني. الفن سياسي بطبيعته، وفي رسالته وإنتاجه وعرضه. هو ينخرط مع المجتمع، ويلعب دوراً متواطئاً أو مُقاوماً. إن الفن والشعر يمثلان معرفتنا المتحررة، المتحررة من جوف التوحش.

تتطلب هذه اللحظة أن نستعيد دورنا السياسي؛ فهو يمكّننا من تحويل الخيال إلى أفعال إيجابية، وصياغة هياكل جماعية، والعودة إلى جوهر إنسانيتنا. نحن ننتمي إلى هذا العالم وإلى هذه الأرض، ومن خلال التمسك بدورنا وإيماننا بالقدرة على التغيير، علينا أن نتحرك ونبادر ونرفض أن نكون شركاء صامتين في جرائم هذا النظام. لا يمكننا في الحقيقة أن نتجاهل الظروف القمعية التي يُنتَج الفن في ظلها. وفي مواجهة هذه الرقابة، يتعين علينا أن نقاوم تمجيد النظام أو الاستسلام للمجهول. يجب علينا أن ندافع عن دورنا وإنسانيتنا ومجتمعنا البشري، بغض النظر عن جنسياتنا وانتماءاتنا، ونحن ملزمون بالتنظيم والمقاومة على جبهات متعددة لوقف الإبادة الجماعية ومنعها مستقبلاً. إن فلسطين هي العالم في زمنه المستقبلي.


 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حازم المستكاوي

حسن خان

أيمن السمري