المشاركات

يوسف ليمود

صورة
    فرنشيسكا وودمان .. امتدادات الدادائية وظل الموت المراهق -------------------------------------------------------------- من فراغ الأزرق إلى رمادي الظل، ومن اسطورة الموت المبكر إلى عبثية السكون في الانتحار البكر، نصطدم بفداحة الجمال الباهظ الثمن، المعشعش في الجدران غير المرئية بين الجلد الأنثوي الموهوب للنعمة، للموهبة، للرؤى، وبين صدأ الواقع المحيط، بالأحرى صدأ الفراغ. ما المقابل الذي ينعم به الفنان إزاء ما تفرزه تقلصات كيانه الشبيه بآلة الهارب تهز أوتارها نسمه عابرة، من جمال؟ هل نشوة لحظة الخلق هي كل حصيلته؟ وهل سيزيد أو يقلل من إشعاعات ترابه كمّ الأساطير التي تروى عنه ويتوالد منها المزيد من الأساطير، بعدما يطلق على صدغه الرصاصة أو يقفز من النافذة في لحظة من عدم احتمال؟ لا شك أن حياة فنانة بازغة، انتهت قبل أن تبدأ، مخلفةً منجزاً جمالياً مبهراً، أو على الأقل منجزاً لا يستهان به، تضفي عليها المأساة هالة تزيد في جمالية المنجز. لكن، أمام فوتوغرافيا فرانشيسكا وودمان، هذه الفتنة الفنية التي قذفت بنفسها من نافذة بناية عالية في نيويورك وهي في الثالثة والعشرين لم تزل، تطغى أسطورة ا...

راوية صادق

صورة
خريطة للتأمل منذ بدايات القرن العشرين، حدثت إنجازات عديدة وتحولات هامة في تاريخ الفن، تمثلت على نحو خاص في ميلاد الفن المعاصر بين عامي 1960 و 1969 . والفن المعاصر- حسبما ترى مؤلفة الكتاب كاترين مييه – تعبير شاع استخدامه للإشارة إلى الاتجاهات الفنية التي تلت الستينيات من القرن الماضي. ولأن " فن معاصر" مجرد كلمتين، تقتفي المؤلفة الشبكة المعقدة والمتداخلة لخريطة الواقع التشكيلي الأوروبي والأمريكي. لا تلجأ الكاتبة، في بحثها عن مدى ملاءمة التعبير نفسه (فن معاصر) لما يدور في ساحة الفنون البصرية، إلى مجرد السرد التاريخي للمدارس الفنية المختلفة التي تعاقبت في النصف الثاني من القرن العشرين. فخريطة المدارس الفنية متشابكة ومختلطة، بل سريعة التغيير. والرصد الموضوعي لعالم الفنون البصرية يتطلب تناول عناصره الأساسية: دور الناقد الفني، أساليب تعامل المؤسسات الحكومية والخاصة مع العناصر المختلفة الفاعلة في عالم الفن. فإذا ما تطرقنا إلى طبيعة المواد التي يستخدمها الفنان المعاصر، سنجد أنها تضع أمناء متاحف الفن الحديث والمعاصر في عدة إشكاليات سواء على صعيد الخامة أو دلالتها أو موقعها م...

الكمال هو السؤال

صورة
  "العمل الفني كائن حي لا يعرف كيف يموت ، لذا فقد أمرني بتعلم الموت" ---------------------------------------------------------------------- في معرض دوكومنتا 5 الذي نظم في كاسل بألمانيا عام 1972 فوجىء الحضور برجل في ثوب فضفاض من الحرير الأحمر يقف على سطح المبنى الرئيسي لمقر العرض مردداً أسماء ألمانية شائعة عبر مكبر صوت ذهبي اللون.   لم يكن هذا الرجل الذي أثارت هيئته فضول الجميع وقتها سوى جيمس لي بايرز، والذي يُنظر له   حتى اليوم كواحد من أكثر الشخصيات غموضاً وتميزاً في المشهد الفني العالمي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ترك بايرز (1932 - 1997) إرثاً صاخباً وغنياً من الأفكار والمشاريع الفنية، وكان أحد أكثر المُساهمين في رسم الملامح الأولى للمشهد الفني المُعاصر. خلال مسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من أربعة عقود ترك الرجل بصمة خفيفة وأنيقة لكنها لا تُمحى على الفن المعاصر. تشمل أعماله التي قدمها العديد من العناوين التي تتسم بالغرابة مثل "الملاك الأحمر لمارسيليا" الذي قدمه عام 1993 ، وهو تركيب مكون من ألف كرة زجاجية حمراء مرتبة على الأرض في هيئة زخرفية. وفي عمله ...

إسماعيل فايد

صورة
عن الارتباك والمعنى وكلاب البورجوازية    ------------------------------------------   إسماعيل فايد عزيزي محمد: أود أن أبدأ رسالتي بأن أؤكد على أنني أشاركك الكثير من الحيرة تجاه الفن المعاصر عامة، وفي مصر خاصة. ويبدو هذا موقف غريب على شخص أمضى أكثر من 17 عامًا يعمل في مجال الفن المعاصر بوسائطه المختلفة. فما بال المشاهد/القارئ العادي؟ ولكن يقف موقفنا المشترك عند هذه النقطة، فأنا أختلف معك في كثير مما أثرته، وصدمتُ قليلًا من عدم التعاطي أو الأخذ في الاعتبار كثير مما قيل في الندوة. باستثناء العزيز محمود خالد، الذي أخذ نصيب الأسد من سخريتك وتهكمك غير المُستحق. فهناك العديد من النقاط التي طُرحت تمس جوهر ما طرحته أنت، وحاولت بأشكال مختلفة الرد على الكثير من أسئلتك أو حيرتك وعدم استساغتك لجوانب عديدة من الفن المعاصر. وعلى أي حال أظن من الضروري فتح مثل هذا الحوار (في مصر وبالعربية) لمجال نادرًا ما يستحوذ على أي نوع من الاهتمام خارج دوائره الضيقة. يبدو الفن المعاصر مأزوم في تعريف ماهيته ومصطلحاته، فهل هو معاصر أي لاحق للفن الحديث؟ (هذا تعريف تاريخي خطي بالأساس هو ...

يوسف ليمود

صورة
    ما هو الفن المُعاصر؟ "سؤال بسيط وشائك في آن، موجه للفنانين والفاعلين في مجال الفنون البصرية. هو سؤال بسيط لوضوح معناه، وشائك بقدر ما يحمل مصطلح المعاصرة من التباس في محيطنا. بين المعنى المباشر للكلمة، ودلالاتها كمفهوم ثمة اختلاف وخلاف بالطبع. لا يعنينا الاختلاف حول معنى الكلمة ودلالتها اللغوية، بل الخلاف حول المُصطلح كمفهوم ثابت أو متعدد الدلالات. غير أن ما يهمنا أكثر هنا هو تسليط الضوء على الرؤى الشخصية لهذا المفهوم. تتضمن هذه المساحة نصوصاً لفنانين فاعلين محلياً ودولياً يتحدثون خلالها حول مفهومهم الشخصي للمعاصرة" (ستنشر هذه النصوص تباعاً على سحابة) لا شك أن كتابة تصور شخصي عن معنى المعاصرة في الفن أسهل كثيراً من محاولة رصد تاريخ هذا المعنى واشتباكاته المعقدة مع العديد من التصورات التنظيرية المختلفة والمتناقضة التي ساهمت في تشكيله منذ ستينيات القرن العشرين وحتى اليوم. ولكن بدايةً يجب، ولو بشكل عابر، أن نجعل الحدود بين ما يُسمى “الفن الحديث“ و “الفن المعاصر“ واضحة. “الفن الحديث“ مصطلح يصف نهجاً معيناَ في التناول الفني، تكمن في داخله تشعبات فكرية وتقنية متعددة تطورت جم...