خالد حافظ

 

ما هو الفن المُعاصر؟

"سؤال بسيط وشائك في آن، موجه للفنانين والفاعلين في مجال الفنون البصرية. هو سؤال بسيط لوضوح معناه، وشائك بقدر ما يحمل مصطلح المعاصرة من التباس في محيطنا. بين المعنى المباشر للكلمة، ودلالاتها كمفهوم ثمة اختلاف وخلاف بالطبع. لا يعنينا الاختلاف حول معنى الكلمة ودلالتها اللغوية، بل الخلاف حول المُصطلح كمفهوم ثابت أو متعدد الدلالات. غير أن ما يهمنا أكثر هنا هو تسليط الضوء على الرؤى الشخصية لهذا المفهوم. تتضمن هذه المساحة نصوصاً لفنانين فاعلين محلياً ودولياً يتحدثون خلالها حول مفهومهم الشخصي للمعاصرة"

(ستنشر هذه النصوص تباعاً على سحابة)


 الفنان خالد حافظ

 

ظهر مصطلح الفن المُعاصر في أواخر الخمسينيات أو بداية الستينيات من القرن الماضي، ولا يُعرف في الحقيقة من أطلقه تحديداً. كانت الدلالة الأولى لهذا المصطلح مفهومة تماماً وقت ظهوره، إذ كان يقصد به شيئاً محدداً وواضحاً وقابلاً للقياس. وفي حين اختلف النقاد حول من أطلق هذا المصطلح لم يختلفوا مثلاً حول من أطلق مصطلح البوست مودرن (Post Modern) أو ما بعد الحداثة، وهو بالمناسبة إيهاب حسن، وهو مفكر أمريكي من أصل مصري هاجر إلى الولايات المتحدة في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي. أطلق إيهاب حسن هذا المصطلح أيضاً في نهاية الخمسينيات أو بداية الستينيات تقريباً كي يصف الحالة الآنية للفن وقتها. في ذلك الوقت كان البوب آرت في بداية ازدهاره على يد فنانين مثل آندي وارهول وليختنشتاين. وقد وظف هؤلاء الفنانين في أعمالهم صور الحوادث والإعلانات ووجوه المشاهير كعناصر أساسية في أعمالهم. بين أعمال وارهول الشهيرة مثلاً لوحته التي وظف فيها صورة لحادث سيارة، وهي صورة فوتوغرافية كانت منشورة في إحدى الصحف الأمريكية.

كان مصطلح الفن المعاصر في ذلك الوقت مُعبراً عن الحالة الراهنة بمفهومها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة في تلك الفترة، وما فيها من صراعات دولية وأحداث كبرى، كحرب فيتنام والحرب الباردة بين المعسكر الغربي والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي. ومن هنا فالمعاصرة كانت تعني الفن الذي يعبر عن الحالة الآنية بمكوناتها المتعددة، أو كما يقال البيئة السداسية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والبيئية. شمل المصطلح بعد ذلك الحركات الفنية التي ظهرت بعد البوب آرت، وهي حركات وليست مدارس، فحركة البوب آرت تكاد أن تكون أول حركة وآخر مدرسة، وجاء بعدها ما يُسمى الكونسيبتوال آرت (Conceptual art) أو الفن الإدراكي أو المفاهيمي (أياً كانت الترجمة أو التعريب الذي تم تبنيه) ثم ابتدع الإيطالي جيرمانو سيلانت مصطلح آرت بوفيرا في سياق رصده لظهور أول الأعمال التي وُظفت فيها النفايات في قاعات العرض الإيطالية. ولم  يكن هذا هو أول ظهور في الحقيقة لذلك النوع من الأعمال التي توظف النفايات، فقد فعل ذلك ديفيد بويز في ألمانيا في بداية الستينيات. لكن نستطيع القول أن حركة آرت بوفيرا ارتبطت أكثر بمفهوم الأنستليشن (Installation).

كل هذه الحركات ارتبط ظهورها بأسماء محددة، فالـ منيمال آرت مثلاً ارتبط بـ دونالد جود، والـ كونسبتشوال آرت ارتبط باثنين من الفنانين وهما جيمس لي بايرز وجوزيف كوسوث، وقد زار كلاهما مصر بالمناسبة وتوفي بايرز أثناء هذه الزيارة في مايو عام 1997 . ارتبطت هذه الحركات بأسماء معينة، ولكن هناك حركات أخرى لم ترتبط بأسماء مُحددة مثل التعبيرية الألمانية الجديدة التي تشكلت على يد الفنانين الألمان الهاربين من المعسكر الشرقي، مثل إيه آر بانك وجيرهارد ريختر. هناك حركات أخرى مثل حركة ما بعد الطليعية، وكلها حركات تندرج تحت مُسمى الفن المعاصر، وهو الفن الذي يعبر عن البيئات الست التي ذكرتها سابقاً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حازم المستكاوي

حسن خان

أيمن السمري