مدينة الدواجن

 

 

مدينة الدواجن، مدينة خيالية أنشأها الفنان سمير فؤاد وشكل ملامحها عبر نص يُحاكي طبيعة السرد في ألف ليلة وليلة. يحكي النص عن مدينة سعيدة ومطمئنة قضى عليها طمع مُترفيها. تحولت المدينة من مُجتمع سعيد إلى مدينة للبلهاء والجوعى، حتى هجرها الجميع وصارت خراباً. ينطلق الفنان من هذا النص ليؤسس نصاً بصرياً موازياً يعكس ما جاء في  السرد من صور. عليك أن تقرأ النص كي تفهم مغزى الصور، وأن تشاهد الصور كي تتكشف لك طبيعة النص.

أقيم المعرض في قاعة بيكاسو في الفترة من 14 يناير إلى 3 فبراير.. أي أن تاريخ النشر هنا يوافق تاريخ انتهاء العرض. هذا يعني أن أمامكم بضع ساعات فقط لرؤية الأعمال على الطبيعة، أما من لم يتمكن من الذهاب فيمكنه قراءة النص ورؤية بعض الأعمال هنا.. على سحابة.


 

النص المُصاحب للعرض

فلمَّا كانت الليلة الثلاثون بعد المائة قالت دنيازاد لأختها شهرزاد: يا أختي قصّي علينا قصة مدينة أصبحت عبرة وموعظة للناس .. فقالت شهرزاد للملك شهريار: هل يأذن لي مولاي .. فأذن لها .. فقالت: بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أنه في سالف العصر والزمان كانت هناك مدينة سُمِّيت مدينة الدواجن لأن الكثير من أهلها اتخذوا من تربية الدواجن مهنةً لهم .. وقد حذقوا هذه المهنة وأصبح لهم باع كبير فيها فتكاثرت أعدادها وكبرت أحجامها وأصبح مذاقها اللذيذ مرغوبًا للقاصي والداني .. واتسعت تجارتهم وصاروا يبيعونها للمدن المجاورة وأثرَوا من وراء ذلك ثراءً كبيرًا .. ومع الثراء ازداد جشع الناس وراح كبراؤهم يشترون مزارع صغارهم ليتحكموا في أسعارها ثم أوعزوا إلى والي المدينة أنهم يريدون أنواعًا جديدة يوسِّعون بها تجارتهم ويغزون بها أسواقًا عديدة وعليه فيجب على هيئة الدواجن أن تركز جهودها في استنباط سلالات جديدة ذات صفات عجيبة وأشكال غريبة لتكون متعةً للعيون ولذةً للبطون .. وجلبت الهيئة أعظم علماء التهجين وأكبر خبراء السلالات لكي يعملوا على هذا الهدف إلا أن الأمور لم تسر كما كان مقدرًا لها فقد تفشَّى بين السلالات المهجنه داءٌ خبيث جعلها تهاجم بعضها بعضًا كأنها صقور جوارح .. وهلع العلماء وحاولوا تكتم الأمر والسيطرة على الداء ولكنه خرج عن السيطرة .. وازداد الأمر سوءًا عندما خرج الوباء إلى مزارع الدواجن وانتشر انتشار النار في الهشيم وامتلأت الطرقات بجثث الدواجن وراح الناس يتضرعون إلى الله في المساجد ويجربون كل العلاجات الموجودة في كتب الطب ويستعينون بالسحرة والمشعوذين بدون فائدة فأخذوا يذبحونها للخلاص من هذه الغمة الثقيلة وأصاب الناس الخوف والإجهاد فجحظت عيونهم وتدلت ألسنتهم وجعًا أو هلعًا .. وشحَّ الطعام وأصبح الناس يقتاتون على بقايا الدواجن المذبوحة وأصاب الكثيرَ منهم العته فجابوا الطرقات وراحوا يهاجمون المارة فهج الكثير من سكانها خارج المدينة .. وبعد فترة عصيبة انحسر الوباء بدون سبب واضح ولكن بعد أن قضى على كافة الدواجن الموجودة في المدينة وأصبحت مدينة الدواجن بلا دواجن واسمًا ليس على مسمى وهجرها أهلها وتفرقوا في الأرض فرادى وجماعات واندثرت المدينة مع الزمن وبقيت منها هذه القصة التي يتحاكى بها الناس للعبرة والموعظة.

 






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يوسف ليمود

فن بلا مخاطر: المعرض العام كمساحة آمنة

حمدي رضا