صباح نعيم

 كم مرة تغير مفهومك عن الفن؟

الفنانة صباح نعيم

لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي تغير فيها مفهومي عن الفن، لقد تغير مفهومي كثيراً عن الفن لأسباب عدة، أولها وأهمها اهتمامي بالبحث المستمر. في وقت دراسة الماجستير والدكتوراه استفدت كثيراً من الفنانين عبد الرحمن النشار ومصطفى الرزاز، إذ كانا يدفعاني دائماً للبحث والقراءة عن اتجاهات ما بعد الحداثة. كنا في بداية التسعينيات، وفي هذا الوقت كانت اتجاهات ما بعد الحداثة ما تزال في بداياتها، والمؤلفات والترجمات المتعلقة بها في مجال الفن لم تكن كثيرة، لذا كان عليّ بذل جهد مُضاعف للوصول إلى المراجع، ما جعلني في حالة بحث مستمر، وقد ساهم هذا البحث المستمر في تغيير رؤيتي مع الوقت لمعنى الفن أكثر من مرة.

من المهم أيضاً هنا الاعتراف بدور مؤسسة تاون هاوس، والتي أتاحت لكتير من الفنانين مساحة للتجريب لم تكن متاحة بهذه الكيفية، كما أتاحت أيضاً للفنانين خطوط اشتباك وتواصل مع حركة الفن خارج مصر. كنت من هؤلاء الفنانين الذين استفادوا حقاً بوجود مؤسسة مثل تاون هاوس، فبفضلها استطعت عرض أعمالي في أماكن كثيرة خارج مصر، بينها مثلاً المتحف البريطاني وبينالي فينيسيا. في هذا السياق أجد نفسي ممتنة أيضاً لبعض الفنانين الذين ساعدوني منذ البداية في التواصل والاستمرار.

كان لهذا الاحتكاك المستمر بطبيعة الممارسة الفنية خارج مصر دور في تغير مفهومي عن الفن، فمن المهم جداً للفنان الاطلاع على تجارب الآخرين. السفر والبحث المستمر يدفعونك للتفكير، كما يدفعونك أيضاً للتساؤل؛ والتساؤل الدائم مهم للفنان. هناك جانب آخر له علاقة بظروفي الشخصية، التي كانت تدفعني للبحث وتجاوز العقبات من أجل الاستمرار، وهي عامل مهم ساهم إلى حد كبير في تغير نظرتي للفن.

مع الوقت أصبح الفن بالنسبة لي وسيلة للتعبير عن ذاتي وعن الناس الذين ألتقيهم يومياً في الشارع ووسائل المواصلات. منذ البداية كنت مشغولة دائماً بالتعبير عن هؤلاء الناس الحقيقيين، بعيداً عن التصورات المُتخيلة أو العاطفية، ولهذا مثلاً وظفت الفوتوغرافيا في أعمالي، إذ كانت الفوتوغرافيا وسيلة مناسبة لفعل ذلك في وقت من الأوقات. 

 

إذ سُئلت: لماذا لا ترسمين لوحة تقليدية؟ بماذا تجيبين؟

أقول إن هذه الوسيلة مناسبة أكثر عن الفكرة التي أطرحها، وعن ما أشعر به حالياً، كما أن الفن اليوم لم تعد له علاقة بالتقنية أو الوسيط، بل بما وراء هذا الوسيط، أياً كانت طبيعته.

هل تُسألين مثل هذا السؤال عادة؟

نعم هو سؤال يُطرح عليّ أحياناً، حتى أن هناك من يقترحون عليّ بدائل أسهل أو أقل مشقة. في معرضي الأخير مثلاً (نسجيات من خيوط وكلمات) اقترح عليّ البعض أن أبحث عن منسوجات جاهزة وأعيد صوغها بدلاً من التعب وتضييع الوقت بغزلها بنفسي.

أغلب من يطرحون عليّ مثل هذه التساؤلات لا يعرفون طبيعة تجربتي، وأن أعمالي دائماً مُرتبطة بتجاربي الشخصية. فالنسيج الذي استخدمته هنا يمثل جانباً من انشغالي اليومي خلال الفترة الأخيرة، وهي فترة كنت أقضي الجانب الأكبر منها في البيت. مثلت هذه الممارسة اليومية محوراً لمشاعري خلال تلك الفترة، وكانت وسيلة للتخلص من المشاعر السيئة أو لتجاوز مرحلة سيئة في حياتي. فكل قطعة هنا أشبه بوعاء للمشاعر والأفكار، فإذا قمت بخلاف ذلك فلن تكون التجربة صادقة.

حين كنت أوظف أوراق الصحف في أعمالي مثلاً كان الأمر له علاقة بارتباطي اليومي بقراءة الصحف، فالصحف حينها لم تكن مجرد عنصر مُفتعل لتشكيل محتوى بصري، بل جزء من تكويني ووعيي. أما عملي على الفوتوغرافيا فناتج من رغبتي في تسجيل مشاعري تجاه الشارع والناس من حولي، إذ رأيت حينها كما قلت لك أن الفوتوغرافيا هي الوسيلة الأفضل لفعل ذلك.. وهكذا يسير الأمر.


 

 

صور الأعمال هنا من معرض الفنانة صباح نعيم الذي ينتهي اليوم (21 فبراير) في قاعة مشربية بالقاهرة. المعرض بعنوان "نسجيات من خيوط وكلمات"

 

الكلمة المُصاحبة للعرض

ترى صباح نعيم في ممارساتها للنسيج أن هناك تقاطعاً بينه وبين الحركات الصوفية. فصناعة المنسوجات بطبيعتها صناعة معقدة تتضمن نسج خيوط وألوان مختلفة معًا لتكوين شكل متماسك. والحركات الإيقاعية للجسد أثناء انخراطه في الممارسات النسيجية، مشابه لحركات الدوران الصوفي. تجسد كلتا الممارستين لدى الفنانة إحساساً بالانسجام والوحدة. فمن خلال هذا التقاطع، تجد نعيم صدى روحياً، حيث يصبح النسيج رحلة تأملية وتحويلية، تشبه إلى حد كبير المسار الصوفي للاستكشاف الداخلي التنويري.

سيرة ذاتية

ﺻﺑﺎح ﻧﻌﯾم ﻣواﻟﯾد عام 1967 ، وهي ﻓﻧﺎﻧﺔ ﻣﺻرﯾﺔ ﻣﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎھرة، ﺗﺧرﺟت ﻓﻲ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻋﺎم 1990 وﺗﻌﻣل ﺣﺎﻟﯾﺎً ﻛﺄﺳﺗﺎذ ﻣﺳﺎﻋد ﺑﮭﺎ. ﺷﺎرﻛت ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻌﺎرض اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ واﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ. ﯾﺷﻣل ﻋﻣﻠﮭﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻣن اﻟوﺳﺎﺋط ﻣﺛل اﻷﻗﻣﺷﺔ واﻟﺻﺣف واﻟﺧﯾوط. ﻛﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﺗدﻣﺞ اﻟﺗﺻوﯾر اﻟﻔوﺗوﻏراﻓﻲ واﻟﺗطرﯾز ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ أﯾﺿﺎً. ﺷﺎرﻛت اﻟﻔﻧﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎرض ﺑﺗﺎون ھﺎوس، وﺟﺎﻟﯾري ﻣﺳﺎر، وﺟﺎﻟﯾري ﻛرﯾم ﻓراﻧﺳﯾس، وﺟﺎﻟﯾري ﺳﻔر ﺧﺎن. ﻛﻣﺎ ﻋرﺿت أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ دوﻟﯾﺎً ﻓﻲ ﺟﺎﻟﯾري ﻟﯾﺎ روﻣﺎ ﻓﻲ إﯾطﺎﻟﯾﺎ، وﻣﻌرض A&B ﻓﻲ ﺳوﯾﺳرا، وRemix African، واﻟﻣﺗﺣف اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ. ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك، ﺷﺎركت ﻧﻌﯾم ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺑﯾﻧﺎﻟﯾﺎت، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﯾﻧﺎﻟﻲ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ (2009) وﺑﯾﻧﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎھرة (2010)، وﺑﯾﻧﺎﻟﻲ ھﺎﻓﺎﻧﺎ (2004)، وﺑﯾﻧﺎﻟﻲ اﻟﺑﻧدﻗﯾﺔ (2003) ﻛﻣﺎ ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻧﺢ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر والولايات المتحدة الأمريكية وإﻧﺟﻠﺗرا.




 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حازم المستكاوي

حسن خان

أيمن السمري