أحمد صبري

 

ما هو الفن المعاصر؟

"سؤال بسيط وشائك في آن، موجه للفنانين والفاعلين في مجال الفنون البصرية. هو سؤال بسيط لوضوح معناه، وشائك بقدر ما يحمل مصطلح المعاصرة من التباس في محيطنا. بين المعنى المباشر للكلمة، ودلالاتها كمفهوم ثمة اختلاف وخلاف بالطبع. لا يعنينا الاختلاف حول معنى الكلمة ودلالتها اللغوية، بل الخلاف حول المُصطلح كمفهوم ثابت أو متعدد الدلالات. غير أن ما يهمنا أكثر هنا هو تسليط الضوء على الرؤى الشخصية لهذا المفهوم. تتضمن هذه المساحة نصوصاً لفنانين فاعلين محلياً ودولياً يتحدثون خلالها حول مفهومهم الشخصي للمعاصرة"

(ستنشر هذه النصوص تباعاً على سحابة)

الفنان أحمد صبري


هناك تجارب عربية مميزة ومؤثرة محلياً وعالمياً، ولا يمكن فصلها عما يحدث في العالم. يمكن الحديث هنا عن ما إذا كانت هذه التجارب المميزة والمؤثرة ناتجة عن اجتهادات ومشاريع شخصية، أم أنها نتاج دعم مؤسسي رسمي أو مستقل. أعتقد أن هذا هو العامل المؤثر في ما إذا كانت التجربة العربية مؤثرة عالمياً أو أنها مجرد تجارب شخصية محدودة التأثير. والظاهر لي أن المؤسسات الخاصة أو المستقلة أو الحكومية في وقتنا الحالي مؤسسات ضعيفة جداً، ولا يوجد إرادة حقيقية لدعم أو تبني مشروع فني وثقافي حقيقي يخدم المجال العام.

على المستوى المصري أرى أن الشاغل الحقيقي لهذه المؤسسات هو الحصول على الدعم المادي الذي يبقيها فقط على قيد الحياة، وقد تدهورت هذه المؤسسات مؤخراً، خاصة خلال العشر سنوات الأخيرة. في هذه الفترة نفسها ظهر حراك ومفهوم من نوع آخر للفن والثقافة، وهذا المفهوم لقي دعماً من بعض المؤسسات الخاصة شبه المستقلة والقريبة من المؤسسة الرسمية. هذا الفهم الجديد للفن بات يُركز أكثر على الجانب التجاري والدعائي على حساب المحتوى والأفكار. هناك مثلاً معرض "فن القاهرة" الذي يفرض رسم دخول يتراوح بين 200 و 300 جنيه. لم أسمع من قبل عن معرض للفن التشكيلي برسم دخول لأي سبب من الأسباب، خاصة في مجتمعاتنا التي تتميز بندرة جمهور الفن التشكيلي أو المعاصر.

أما عن مفهوم المعاصرة أو الفن المعاصر، فمنذ بداية مشاركتي في الحركة الفنية وأنا أتبنى مع زملائي في دائرتي القريبة مفهوم المعاصرة والصراع الدائر حول هذا المفهوم. في هذا السياق كان هناك ثلاثة تفسيرات محلية حول مفهوم المعاصرة. الأول يرى أن المعاصرة تشير إلى كل عمل أنتج في الحاضر أو الزمن الحالي، والتفسير الثاني يذهب إلى أن المعاصرة هي كل فن يتبنى مفاهيم وأفكار غير تقليدية أو مكررة، أما الثالث فيتعلق بالناحية التقنية أو الشكلية للمعاصرة. يرى أصحاب التفسير الثالث أنه طالما استخدمت تقنية حديثة في العمل الفني أصبح ينتمي للفن المعاصر، بغض النظر عن المفهوم أو الأفكار أو الأسلوب. على المستوى الشخصي أعتقد أن الانخراط داخل التسميات والتصنيفات مثل أي خلاف في وجهات النظر في بلادنا العربية قد تحول إلى صراع وتعصب، وأضر بالحركة الفنية وبالفنانين أكثر ما نفعتهم.

أظن اليوم أن إدراكي كفنان للهدف من ممارستي للفن أهم بكثير من التصنيفات والتسميات، فالهدف وإدراك الهدف، إلى جانب الزمن الذي صنع فيه المنتج الفني، هي العوامل التي يجب أن تحدد أهمية هذا المنتج.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حازم المستكاوي

حسن خان

أيمن السمري